جعفر الخابوري Admin
المساهمات : 147 تاريخ التسجيل : 28/02/2024
| موضوع: مجلة كشف الحقائق الاسبوعيه رئيس التحرير جعفر الخابوري الأربعاء أكتوبر 16, 2024 9:08 am | |
| الأحد 13 أكتوبر 2024 9:36 صباحًا - بتوقيت القدسالإصلاح الوطني وهندسة النظام السياسي [size=21]فهمي الزعارير[/size] منذ سنوات طويلة تجاوزت العقدين، تتم الدعوة لإصلاحات جوهرية في النظام السياسي الفلسطيني، في عهدي الرئيس الشهيد ياسر عرفات، والرئيس القائد الأخ أبو مازن، وقد حققت الضغوطات عدداً من التغييرات في النظام السياسي الفلسطيني، ومنذ حرب الإبادة والتطهير العرقي، قبل ما زاد على عام، زادت وتيرة الضغط لإحداث إصلاحات هيكلية جذرية، حد التحكم في النظام واتباعه كلياً، وتم الاصطلاح عليها بـ"السلطة المتجددة " مع وعد بالذهاب لتنشيطها لاحقاً مالياً ودعمها لوجستياً، وهي محاولات لهندسة النظام السياسي الفلسطيني، بحجة الإصلاح، والإصلاح في الظرف الصعب الذي يعيشه شعبنا، يبدو مطلباً وفق استطلاعات الرأي منذ أعوام التي تُظهر عدم الرضا الشعبي عن حالهم وحال النظام.
إن إنكار ضرورة إجراء إصلاحات في النظام السياسي الفلسطيني، بل النظام الوطني برمته، هو إنكار لصيرورة النظم ودينامياتها على نحو عام، وهو تقره القيادة السياسية والتنفيذية برئاسة الأخ الرئيس أبو مازن معلناً رغبته في الإصلاح الوطني، فالنظم عامة يعتريها الخلل والترهل والفساد والتكلس، وهذا طبيعي مع مفاعيل الزمن و"العوامل المساعدة" والمحركات الإعلامية ومعارضي النظم وخصومها وأعدائها، والنظم عموماً تحتاج إلى إصلاح وتحديث وتطوير على الدوام، كما أي نظام في أي دولة في العالم، ويجب أن يبقى الإصلاح مطلباً وطنياً تطويرياً خالصاً، وعلينا أن نَفْعَله نحن وبخططنا نحن، وإرادتنا الوطنية الخالصة نحن لا سوانا، وإلا فسيبقى حالنا يُؤخذ ذريعة للتدخل المباشر والمؤثر في نظامنا، فننتقل من إصلاح نظامنا وطنياً ووفق حاجتنا وبإرادتنا ولمصالحنا، إلى مرحلة هندسة نظامنا وفق رغبات خارجية، تُفقِد نظامنا روحه الوطنية وتتبعه خارجياً، وأبعد من ذلك، فقد رعت بعض القوى الخارجية المؤثرة، الخلل حد الإفساد بتأثيرها المباشر وغير المباشر، ذلك أن النظام غير المستقل، تؤثر فيه إرادات خارجية حد السيطرة عليه.
جهدت عديد الدول للمحافظة على السلطة الفلسطينية، باعتبار اتفاق إعلان المبادئ، الذي تم توقيعه في حديقة البيت الأبيض والمتعارف عليه بـ"اتفاق أوسلو" نسبة لمنشئه، وما نتج عنه مشروعاً ترعاه كيانات دولية، ويحرص "كيان الاحتلال" على إفراغه من مشروعه السياسي وإرادته الوطنية، وعلى إبقاء هذا المشروع "السلطة الوطنية"، ضعيفاً هشاً، بلا حاضنه شعبيه، وبلا قوة اقتصادية ولا شرعية ديمقراطية كاملة، بلا هيبة ولا مصداقية، ليسهل السيطرة عليه أو تفكيكه، فوصلنا لمرحلة، العوز المالي والضعف الاقتصادي، ما أثّر في تآكل القيم الاجتماعية والروابط التضامنية وانحسار التكافل، وانهيار السمعة، وصولاً حد الاتهام والإدانة الشعبية في الرأي العام الشعبي، وهناك شعور عام بعدم الثقة حد الفساد، شعور تدعمه الاستطلاعات الصحيح منها كما المزيّف، وقد تجاوز هذا الرأي فلسطين والفلسطينيين، عبر لوبيات إعلامية متنوعة، وصلت لرأي الأمة وبعضٌ عالمي، وتراجع الأمن الشخصي والعام حد أخذ القانون باليد من البعض، وتفشي الجهوية وبعضُ عصابات.
ويتم استغلال ذلك لغاية الحديث المستمر والضغط المتواصل لـ"الإصلاح الخارجي"، لأن الإصلاح بذاته مصلحة وطنية فلسطينية، يتم استغلال مفهومه، لفرض ايقاعٍ خاص، يُغيّر مهام ووظائف السلطة الوطنية، من سلطة مرحلية نحو الاستقلال، إلى "سلطةٍ وظيفيةٍ محكومة" لتجذير الاحتلال، وهو ما لا يمكن قبوله، في أي مستوى في القيادة الفلسطينية، ولا يَسمح به الشعب الفلسطيني.
لكن هذا يأتي متزامناً مع حرب تاريخيّة على قطاع غزة والضفة الغربية، الأمر الذي يدفع بحتمية الاختيار بين انتهاء المشروع الوطني مرحلياً، عبر إنهاء سلطته الوطنية، إلى سلطات وإدارات وفق إيقاع الإرادة الخارجية، أي؛ تصميم النظام السياسي الفلسطيني بما يخدم المشروع الدولي، كأداة وظيفية بعيداً عن الحقوق السياسية والوطنية والمدنية للشعب الفلسطيني، واندماج في شرق أوسطٍ جديد سيده كيان الاحتلال.
واقع الحال الرخو حد التفكك، يُوجب البحث عن تكييف للاستجابة، لناحية المزاوجة بين الحاجة الوطنية الفلسطينية للإصلاح، كضرورة واجبة التنفيذ، ونزع الذرائع للمطالب الخارجية الإقليمية والدولية للإصلاح، فنحن قطعاً لا نمتلك القدرة للعيش منفردين، في ظل أننا ما زلنا دولة تحت الاحتلال، يتحكم الاحتلال في حركتنا الانتقالية وحتى الموضعية، وتنقلنا القصير في الضفة كما القطاع، يراقب قولنا وفعلنا وسلوكنا اليومي، ويتحكم في غذائنا وتجارتنا ومسكننا ومزارعنا… والتحكم بثرواتنا حتى مائنا المسروق نشتريه منهم، وتُنهب ثرواتنا الطبيعية ومنها غاز الضفة مثل غاز غزة، "فما تحت الأرض ليس تحت سلطتنا كما الجو والمجال الكهرومغناطيسي"، ومعابرنا وأموالنا من عوائد الجمارك والضرائب ليست بأيدينا بل أيديهم، ولا نملك أيّاً من مظاهر السيادة الحقيقية، حتى ما نظنه على المواطن، الذي يعلم أنه تحت أكثر من سُلطة. التحدي الحقيقي والمصيري هو تحويل مُطالبات الإصلاح الخارجية، وهي في الجوهر محاولات لهندسة النظام السياسي واتباعه كلياً لجهات إقليمية ودولية، التحدي هو تحويلها إلى إصلاح وطني، يُعبر عن حاجة النظام ورغبة الشعب في حمايته ورعايته وفق مصالح الشعب الفلسطيني، واستكمال مشروع التحرر والبناء الوطني، وربط أي استجابة للمقترحات الخارجية، حتى لو كانت بتوسط ورعاية عربية وإسلامية، بمكاسب سياسية وطنية. إن الطريق الفعّال والناجع والمضمون للإصلاح الوطني، واضعاف الضغط الدولي والإقليمي، لهندسة نظامنا من بوابة الإصلاح يكمن في توسيع دائرة المشاركة في الإصلاح عبر المؤسسات وبطرقٍ قانونية نزيهة وشفافة، في إطار تشريعي جامع، وبحصانة قانونية قاطعةٍ وباته، ومما يمكن اقتراحه توالياً:
- تحديد أجندة الإصلاح الحكومي، في كل مسار، وقد جرت محاولات يمكن الاستفادة منها قطعاً، على المستوى الحكومي، في عهدي د. رامي الحمد الله، وعهد د. محمد اشتيه توالياً، وكلاهما فعّلَ أجندة الإصلاح في اطارات السلطة وأجهزتها التنفيذية، وهو مجال اختصاص رئيس الوزراء وحكومته، دون أن نتجاوز دور حكومة د.سلام فياض، التي جاءت عقب الانقلاب، وتحملت مسؤوليات جسيمة. هذه الأجندات على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، والحوكمة الرشيدة، لم تُوفّر لها الإمكانات الدولية للنجاح.
بيد أن هذا يرتبط مباشرة بحياة الناس، أمنهم وصحتهم وكرامتهم وتعليمهم، لأن الحكومة والسلطة التنفيذية تدير حياة الناس اليومية وتنظم شأنهم في إطار التسهيل عليهم.
- حال تحديد احتياجنا هذا وتعديل رؤيتنا لنسختها الأخيرة، الموضوعة من الحكومة السابقة، والمستهدفة بالتطوير من الحكومة الحالية برئاسة د.محمد مصطفى، يتطلب مشاركة شعبية، ومشاركة المجتمع الأهلي والمدني، والمجتمع السياسي لننطلق في عملية الإصلاح، إصلاح شامل لأجل مستقبلنا كشعب، ومستقبل قضيتنا، بإرادتنا وليس إرضاءً لآخرين.
- لكننا مطالبون وطنياً قبل ذلك أو بالتزامن معه توازياً، بإصلاح النظام الوطني، أولاً: الديمقراطي الفصائلي، ثم النظام الديمقراطي الوطني في منظمة التحرير، ثم الأنظمة المختلفة والسلطات الثلاث في الدولة (نواتها القائمة السلطة الوطنية)، وبكل حال يجب جمع الاحتياجات وتبويب الأولويات.
هذا يتطلب وضع آليات ضامنة لتفعيل المسار الديمقراطي في كل الفصائل، الأحزاب والجبهات والحركات المنضوية في إطار المنظمة وعقد مؤتمراتها بإشراف إداري وقضائي رسمي ووطني، يضمن نزاهة انتخاباتها، ومواءمة برامجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مع برامج منظمة التحرير وحكومة دولة فلسطين، كأحد شروط عضويتها وتمثيلها فيها، ثم بناء المؤسسات المختلفة في المنظمة بشكلها الجديد اعتماداً على حرية الاختيار الحزبي أو الحركي أو الجبهوي في إطار تعددية حزبية، ليصار إلى ائتلاف جبهوي وديمقراطي داخل مؤسسات المنظمة، التنفيذية والتشريعية، ليعبر عن قواعد الفصائل.
- ربط الإصلاح الهيكلي، الوظيفي أو القيادي، بالقانون، مع تحصين التعديلات القانونية عبر المؤسسات التشريعية -أطر موسعة-، ذات إرادة مستقلة، وفي حال إعلان البرلمان الانتقالي أو المجلس التأسيسي عبر المجلس المركزي، يمكننا تحصين عملية الإصلاح الوطني أكثر من تركها على حالها، بلا أطر تشريعية موسعة، ذلك أن الضغط والمساومات، على الأفراد والأطر الضيقة، أسهل وأنجع منه على الأطر الموسعة، ولهذا فإن الضغط على السلطة التنفيذية دائماً أسهل من الضغط على السلطة التشريعية، والضغط على الفرد أسهل من الضغط على الجماعة.
من شواهد متعدده في الأنظمة المختلفة عربياً وإسلامياً، آسيوياً وأفريقياً ولاتينياً، يتسرب إلى مشهد القيادة بعضٌ مدعومٌ من جهاتٍ هو مكسورٌ أمامها، يُنفّذ أجنداتها وأوامرها- تُسمى شعبياً "إلُه إيد بتوجعه"، لأن من له يدٌ تؤلمه، لا يتجرأ على عراك..! لذا توسيع دوائر المشاركة يُشكّل تحصيناً أعلى نسبياً في غالب الأحوال، حتى لو تسرب لها بعضٌ من سابقي الذكر.
مطالبات الإصلاح، في ذروتها، تغيير المناهج، أي تغيير البناء الفكري بتغيير "حشوة الرأس لا فروة الرأس"، تغيير الاعتزاز بنضالات شعبنا، من بوابة الشهداء والأسرى والجرحى، أي تغيير الوجدان الوطني، إلى التنكر لها، وتغيير في الأشخاص القادة، لأن المطلوب هندسة النظام وإتباعه كلياً، وليس إصلاحه واستقلاله، فالمطلوب "سلطان مأمور" لا "دستورٌ آمر"، هكذا ترى بين النخب السياسية من لم ترَهُ يوماً في فعلٍ نضالي، أو مندساً في صفوفها، وهكذا ترى أيضاً بعض ذوي السمعة البائسة، والفعل المشين، في مقدمة الصف، وكثيرون في كل النظم يقررون فيه ولا تراهم بل ولن تراهم.
ولأن الإصلاح يجب أن يخدم المصالح الوطنية العليا لشعبنا، ومصالحه- حقوقه وحرياته- العامة والخاصة، يجب أن يُعبر عنه ويُشارك به بذاته، بإرادة وطنية حرة، وتقليل تأثير اللاعبين العابثين بقدر المستطاع، دون إغفال تأثيرهم. | |
|